حل المشكلات | معرفة ذاتك طريقك لحل مشكلاتك












لا يوجد شخص على وجه الكرة الأرضية لا يعاني من مشكلات على مدار رحلته في الحياة سواء مشكلات مهنية أو اجتماعية باختلاف درجاتها ويسعى كل شخص أن يجد حلولاً لهذه المشكلات ولكن يغفل الكثير عند حل مشاكلهم عاملاً مهماً جداً يساعدهم كثيراً على حل مشاكلهم  ألا وهو معرفة الذات.

تعريف حل المشكلات

قبل التعمق في هذا العامل الهام يجب علينا تعريف ما هو حل المشكلات. تُعرّف حل المشكلات وفقاً للجمعية الأمريكية لعلم النفس بأنها العملية التي يحاول من خلالها الأفراد التغلب على المعوقات والصعوبات التي تواجههم لتحقيق الخطط الموضوعة للانتقال بهم من الوضع الحالي غير المرغوب فيه إلى وضع منشود من خلال الوصول إلى استنتاجات من خلال استخدام بعض من الوظائف العقلية.

الشخص الذي يواجه مشكلة ويحاول حلها من الممكن تشبيهه بشخصٍ متواجد في مكان ما أتى إليه سواء بإرادته أو على غير إرادته لا يرغب في الاستمرار فيه لأنه لا يشعر بالراحة فيه ويريد أن ينتقل منه لمكان جديد أفضل ينتمي إليه ويبحث عن وسيلة مواصلات مناسبة تنتشله من المكان الحالي الغير مرغوب فيه إلى المكان الجديد الذي سيجد فيه الراحة ويتغلب فيه على مشكلته.

في خلال هذه الرحلة للوصول للمكان المنشود من الممكن أن يستقل أكثر من وسيلة مواصلات. اختياره لوسيلة المواصلات المناسبة سيتوقف على العديد من العوامل منها تفضيلاته الشخصية، خبراته وتجاربه السابقة مع كل نوع من أنواع المواصلات ومدى شعوره بالراحة والاطمئنان في وسيلة عن الأخرى وآراء المقربين منه وتجاربهم. اختيار وسيلة المواصلات طبقا لما سبق والتي ترمز إلى الطريقة التي ستؤدي إلى حل المشكلة سيتوقف على مدى معرفة الشخص بذاته جيداً.

ما هي معرفة الذات؟

معرفة الذات هي القدرة على رؤية الشخص لنفسه جيداً لمعرفة وفهم من هو وكيف يراه الآخرين وكيف يتعامل ويتأقلم مع العالم الخارجي المحيط به. عند رؤية هذا التعريف بدقة سنرى أن معرفة الذات تنقسم إلى شقين مكملين لبعضهم البعض ألا وهما معرفة الذات داخلياً ومعرفة الذات خارجياً.

مكونات معرفة الذات

معرفة الذات داخلياً وهي التي يركز عليها أغلب الأشخاص وغالباً يدركون أنها الشق الوحيد المحدد لمعرفة الذات وتُعرّف بأنها رؤية الإنسان لنفسه جيداً وإدراكه ما هي قيمه في الحياة وما هي الأشياء الشغوف بها وما هي البيئة المناسبة التي يفضل العيش فيها وما هي ردود أفعاله على المواقف المختلفة وما هي الأشياء الملهمة له وأخيراً ما هو تأثيره في الآخرين.

 معرفة الذات خارجياً هي إدراك الشخص لشخصيته من خارج حدود نفسه بمعنى أن يعرف جدياً كيف يراه الأخرين ورأيهم فيه وفي تصرفاته وسلوكياته وشخصيته.

هل يعرف البشر ذاتهم جيداً؟

عندما بدء الباحثون في دراسة معرفة الذات وجدوا أرقاماً وإحصائيات صادمة. الدكتورة (تاشا يوريش) في كتابها (ذا انسيت) ذكرت أنها عند القيام بإحصائيات عن نسبة الأشخاص الذين يعرفون ذاتهم جيداً وجدت أن 95 % من البشر يظنون أنهم يعرفون ذاتهم جيداً في حين أنه فقط ما بين 10 % إلى 15 % فقط هم الذين نجحوا في ذلك وهذا تفسير لماذا يصعب على العديد من الأشخاص حل مشاكلهم والتغلب على المعوقات التي تواجههم.

وتؤكد الإحصائيات على أهمية معرفة الذات في حل المشكلات أو حتى تلافيها، فقد وُجد أن 57% من حالات الطلاق تتسبب بسبب اختلاف وجهات النظر وعدم تقبل الرأي الآخر، و69% من المديرين لا يشعرون بالراحة عند التواصل مع مرؤوسيهم، و37% منهم لا يقدمون تقييمًا أو رأيًا للموظفين في المهمة التي قاموا بها، وكل ذلك بسبب عدم معرفة جيدة بالذات، والتي تؤدي إلى عدم حل المشاكل أو الهروب منها.

هيا لنعرف ذاتنا

السؤال الأهم الآن هو كيف تعرف ذاتك جيداً؟ كيف تنمي معرفة ذاتك داخلياً؟ وكيف لا تغفل المعرفة الذاتية الخارجية وتنفذها بطريقة فعالة ليكتمل ركنا المعرفة الذاتية؟

كيفية تحقيق معرفة الذات داخليا

سنبدأ بالركن الأول الذي يدرك وجوده أغلب البشر ويعتقدون أنه العامل الأوحد في معرفة الذات ألا وهو معرفة الذات داخلياً. لكي نعالج مشكلة عدم معرفة الذات داخلياً والتي تتسبب في عدم القدرة على حل المشكلات بشكل صحيح علينا عند مواجهة مشكلة ما أن نقوم بطرح سؤال على أنفسنا بصيغة ماذا وليس لماذا؟

ماذا يعني ذلك؟ سنقوم بذكر مثال لتوضيح وتبسيط معنى هذا وكيفية القيام بذلك والهدف منه.

مديرك أصبح فجأة يتعامل معك بحدة في الكثير من المواقف وأنت لا تعلم سبباً واضحاً لذلك في هذه الحالة لكي تصل للسبب الذي سيجعلك تحل المشكلة بشكل صحيح يجب عليك أن تسأل نفسك ماذا قمت به جعله يغضب مني بدلا من سؤال نفسك لماذا أنا الذي يتعامل معي هكذا؟ فالسؤال بصيغة لماذا يفتح المجال أمام عقلك لوضع المبررات وإبعاد أي شبهة لإمكانية أن يكون الخطأ من عندك في الأساس وبالتالي لن تكون الإجابات على السؤال تحتوي على أي حلول ولكن ستكون إجابات لإلقاء اللوم على الطرف الآخر وأنه شخص غير عادل مزاجي متربص وأنك مظلوم بينما السؤال بصيغة "ماذا" سيساعدك على الكشف عن أي أخطاء قد ارتكبتها وتحسين سلوكك في المستقبل.

كيفية تحقيق معرفة الذات خارجياً

نأتي الآن للركن الثاني المكون لمعرفة الذات وأراه الجزء الأهم والأخطر لأن الكثير يغفله بل تصل الأمور إلى الجهل به تماما وعدم معرفة وجوده وكذلك هو صعب تحقيقه لأنه مرتبط بك وبالآخرين من حولك وهو معرفة الذات خارجياً.

يكمن الحل السحري في كيفية تنفيذ معرفة الذات خارجياً في القيام بشكل صحيح وفعال في شقين الأول كيفية استقبال ملاحظات الآخرين وآرائهم وتقيميهم لك في المواقف المختلفة وكيفية إعطاء الآخرين ملاحظات وآراء وتقييمات.

لكي تستقبل ملاحظات وتقييمات الآخرين بشكل سليم يجب اتباع الآتي: -
1. ألا تكن دفاعياً أي لا تستقبل الآراء وكأنها هجوم عليك وأنك في موقف دفاع عن النفس.
2. يجب أن تفترض حسن النية في الشخص الذي يعطي لك رأيه وأن هدفه في المقام الأول مصلحتك.
3. دون ملاحظاتك عند استقبال الآراء حتى تستطيع تحليل جميع الآراء لاحقاً والتوصل لأفضل الآراء التي تم الإجماع عليها.
4. لا تترد أن تسأل عند استقبال الملاحظات إذا كانت بها أشياء غير مفهومة بشكل واضح بالنسبة لك حتى تستطيع الاستفادة الكاملة منها وأن تصلك وجهة النظر بشكل واضح ليس فيه أي التباس.

ولكي تستطيع إعطاء ملاحظات وآراء للآخرين بشكل سليم يجب اتباع الآتي: -
1. يجب أن يكون الرأي محدد وألا يكون في العموم بمعنى أن تذكر موقف او تصرف بعينه وتعطي رأيك وملاحظاتك فيه.
2. يجب ألا تكون آرائك شخصية بل تكون موجهة لسلوك معين قام به الشخص وليس الشخص في ذاته.
3. أدعم ملاحظاتك وآرائك بأمثلة لكي تكون أكثر وضوحاً وتصل بشكل أسرع وأكثر دقة للشخص المستقبل لها.

الشريان لحل المشكلات

في النهاية، إذا قمت بتطبيق كليهما بشكل صحيح، فسيكون لديك مفتاح الحل الأمثل لأي مشكلة قد تواجهها في المستقبل. يمكن التشبيه بين المعرفة الذاتية الداخلية والخارجية بمكونات الماء اللازمة للاستمرار في الحياة، حيث يمثل الهيدروجين المعرفة الذاتية الداخلية، والأكسجين المعرفة الذاتية الخارجية، وعندما تجتمع الاثنتان معًا، يتكون شريان حل المشكلات.

0 تعليقات